الاثنين، 19 يناير 2009

الشفافية المزعومة


http://shbabmisr.com/?xpage=view&EgyxpID=17573
http://knol.google.com/k/mahmoud-shalata/الشفافية-المزعومة-بقلم-محمود-شلاطة/2094i895kpwjy/1#

الشفافية كلمة قديمة سمعتها دوما من تهم بعدم وجودها حاولت مرارا أن ابحث عن معنى لها إلا اننى تدريجيا ما وجدتها تتقافز في مخيلتي وفى نواحي أخرى من الحياة
فدائما في عالمنا العربي يخفى الطبيب والأهل عن المريض بمرض مزمن أو خطير مدى حالته و كثيرا ما يخفون عنه طبيعة مرضه أملا منهم في عدم تدهور حالته أو إصابته بحالات نفسية وأخرى مضاعفات لهذا المرض
وكعادتهم مسئولينا فإنهم يعاملوننا دائما معاملة المرضى ويخفون عنا طبيعة مرضنا
فيخفون عنا نسبة البطالة مثلا كي لا نتشائم ونلقى عليها همومنا كما ظلوا يخفون علينا وجود حالات انفلوانزا الطيور حتى تبين لنا وجود 23 إنسان لقوا حتفهم من جرائها في مصر في معدل غير طبيعي وعالي نسبيا وعالميا
يخفون عنا أيضا حقيقة الأزمة المالية أملا في عدم هروب الأموال المستثمرة من البورصة ونصبح على أناس تقتل أسرهم وأناس يفقدون أموالهم وممتلكاتهم في خضم التكتيم المفروض عليهم يخفى عنا مسئولينا حقيقة نواياهم في إدارة مواردنا أملا في عدم قلقنا عليها يخفى علينا المسئولين حقيقة اقتصادياتنا المتعثرة وعندما يتحدثون يقولون كله تمام . كارثة كالدويقة تم إخفاء العدد الفعلي للقتلى الذي قارب 500 إنسان كي لا نحزن عليهم
الدول العربية تحذو حذوا مماثلا فتخفى مثلا حقيقة تسليحهم الفعلي الموجود ومدى قدرتهم على فض النزاعات التي تحدث كما أنهم لا يتمتعون بالنزاهة والشفافية في عرض قضايا أمتهم عامة وقضايا دولهم خاصة كالحكم والفساد وخلافه ولاشك أن هذه الخبايا كثيرا ما تطفوا على السطح على هيئة كوارث ككارثة العبارة وكارثة تزاوج السلطة مع رأس المال ناهيك عن التستر على المعلومات فى زمن حرية المعلومات
مصر تكتم على أسباب ومسببي حادث الحريق بالشورى وتتكتم على مرتكبي حريق قطار الصعيد و سقوط الطائرة المصرية كما تتكتم على بنود الاتفاقات السرية مع إسرائيل والتي من ضمنها اتفاقيات التعاون الزراعي والتجاري (الغاز ) أيضا تخفى حقيقة ما دار فى مباحثات السلام مع إسرائيل قبل ضرب غزة كما تخفى حقيقة التعاقد مع الشركة الكندية بشأن مشروع الأسمدة كما تخفى اتفاقيات السلام حتى الولايات المتحدة تخفى على شعبها أسباب حرب العراق وأفغانستان كله يتبع مبدأ المعرفة على قدر الحاجة
حتى الأخبار المحلية تمر بالكثير من عمليات الفلترة والتنقية و التغيير لتلائم أهداف الأعمال ومصالح الأفراد كما أن الأحداث العالمية إما أن تحجب أو تفتت أو تحور لتناسب مشهد معين ورأى معين لذا فإنه يصعب على المستمع معرفه الأحداث كما يصعب على المؤرخين كتابه التاريخ لنجد أن الكثير من الفترات تلوثت سير الأخيار فضلا عن الأشرار ولم يعد لك مرجع للوصل إلى سير الماضي لسبر أغوار المستقبل
الأحداث فى فلسطين وفى غزة خصوصا والعراق أصبحت الآن أخبار خفيفة مهملة لا تمت للواقع بشيء فهل هذه هي الشفافية المزعومة التي تحدثنا عنها وسائل الإعلام فضلا عن الأنظمة الحاكمة
الكوارث تحط ويلاتها على الشعوب من جراء تكتم المسئولين على الأوضاع الموجودة وتتفاقم نتائجها يوما بعد يوم
فهل نعتبر تلك هي الشفافية ؟؟؟
فلو راجعنا تقرير منظمة الشفافية لعام 20008 تراجع ترتيب مصر إلى 115 بدلا من 105 اقرب في ذلك إلى الدول الفاسدة وعلى مستوى الشرق الأوسط جاءت مصر في المرتبة الـ13 ، وكانت قطر الدول الأفضل في المنطقة طبقاً للتصنيف الأخير للمنظمة الدولية والتي احتلت المرتبة الـ28 على المستوي العالمي، متفوقة بذلك علي إسبانيا وإسرائيل وإيطاليا وغيرها، وتلتها الإمارات، وعمان والبحرين والأردن.
أما الدولة الأسوأ فكانت العراق التي جاءت في المرتبة 178 علي مستوي العالم.
ووضعت المنظمة دول الصومال وبورما وهايتي في أعلي تصنيف الدول "الفاسدة"، وأفضل البلدان المصنفة كدول "نظيفة" الدنمارك والسويد ونيوزيلندا.
إن من أسباب تدهور الاقتصاد العالمي هو تستر الرئيس الأمريكي ورئيس خزانته على عدم وجود مشكلة وأن الاقتصاد متين ليصبح على فاجعة لم تنتهي أثارها بعد
لذلك فهي قاعدة عامة أن وراء كل تستر على فساد هو في الواقع قنبلة موقوتة قابلة للتزايد يوما بعد يوم
إن من الثابت فى هذا العالم أن بمواجهة المشكلات يتم تداركها و حلها والوصول بها إلى بر الأمان لكن تجاهلها ودفن الرؤوس في الرمال إنما هو منطق العاجز الذي يقضى يومه غير عابأ بالغد وبعكس ذلك تفشى الفساد الناتج عن عدم الشفافية يدمر الحياة الإدارية
ولا تقتصر الشفافية على الحكومات وإنما يجب أن تتدرج تنازليا وتصاعديا من أعلى إلى أسفل والعكس لتكمن في نفوس الموظفين والعمال والإدارات
إن الجيل الجديد من حقه استلام مفاتيح ومقاليد الحلول ولا يتم هذا إلا بكشف واضح وصريح لكل المشكلات كشف لا يضيع حقوق الدولة و يوقعها فى مشكلات. وإيضاح لا يخفى لمصلحة أشخاص وأنظمة كشف لا يضر بمصلحة الشعوب
بقلم / محمود شلاطة